#jubna
السبت 6 ديسمبر 2025 10:52 صـ 15 جمادى آخر 1447 هـ
أنا حوا - الرئيسية
رئيس التحرير محمد الغيطي المدير العام منى باروما
×

ماجدة موريس تكتب: الموسيقى في كابول

الخميس 10 يوليو 2025 11:07 مـ 14 محرّم 1447 هـ
ماجدة موريس
ماجدة موريس

فيلم لم أتخيل ان أراه عن الموسيقي ومحبيها وعن الراغبين في تعلمها من أطفال وشباب وشابات في كل مكان في العالم ،ولكن (الموسيقي في كابول )يقدم لنا مالا نتخيله عن علاقة جماعة في مجتمع ببقية افراد هذا المجتمع، انه ليس فيلما عن طريقة جديدة لتعليم الموسيقي للاجيال الجديدة ،ولكنه فيلم عن الصراع علي حقوق الناس في محبة الفن وتعلمه ضد كارهي الفن والموسيقي ،فيلم عن مطاردة من يحاول تعلمها والفتك به في دولة افغانستان التي استطاع هذا الفيلم الوثائقي الذي عرضته قناة (الوثائقية) مساء الاحد الماضي الكشف عن هذه الوقائع من خلال جهد كبير لمخرجه ومنفذيه للبحث والتقصي داخل هذه الدولة حيث توجد جماعة (طالبان ) المتطرفة خاصة في العاصمة كابول ،وللدرجة التي دفعت دول اخري الي الاهتمام بما يتعرض له الفنانون الأفغان من مضايقات ومطاردات وعنف فقط لانهم يحبون الموسيقي ويدرسونها ،ووصل الأمر الي درجة منع طلبة وطالبات مدرسة الموسيقي من دخولها،وإغلاقها وهو ما بدأت به كلمات الدكتور( احمد سارماس )الي صناع الفيلم ، فهو مؤسس المدرسة ومديرها ،والمحب للتراث الأفغاني الموسيقي ،والخائف عليه من الاندثار ، قال (بعد ان جذبت دراسة الموسيقي وتاريخها الكثيرين ،فوجئنا بأنها تم إغلاقها بدون ان نعرف ،وأننا ممنوعون من دخول المدرسة ،وبلا اسباب ،ولدرجة ذهابنا اليها ،والجلوس في الشارع علي امل السماح لنا بالدخول وهو ما يشعرني بتوتر شديد وقلق وخوف ).

الموسيقي لا تموت ابدأ

المسألة تطورت من منع العميد والمدرسين والطلبة من دخول المدرسة الي محاولة أزالة معالمها الخارجية والكلمات الإرشادية المكتوبة علي جدرانها ،واحتلال جماعة من طالبان لمدخلها، و منع اي شخص من الدخول ،وهو ما عبرت عنه احد الطالبات بالمدرسة قائلة (عندما التحقت بمدرسة الموسيقي تغيرت حياتي كلها ،ولكن ،حين جاءت جماعة طالبان الي المدينة تغير كل شئ ،منعونا من الذهاب اليها بحجة انه( لا يمكن العمل مع غير المؤمنين ). ،وحين أشتكي مدير المدرسة ومن معه كانت الاجابة ان اغلاق المدرسة تم للحفاظ علي الالات التي يستخدمها الدارسون بها! ومن فكرة الحفاظ علي الالات تطورت الحرب علي مدرسة الموسيقي الي أسلوب آخر بادعاءات اخري لاجل الحفاظ علي المبني ، (فعلنا هذا للحفاظ علي المبني ،وسنحول بعض اجزاء كلية الهندسة الي هندسة الموسيقي !!) وهكذا اغلق المبني ،وصمت صوت الموسيقي كما يقول الشاب (قدرة واصف )الذي يصف تنازل بعض العائلات لطالبان (حتي عائلتي اصرت علي التخلص من الالات )،واضطر لاجل هذا ان يخفي البيانو تحت أكوام القماش في البيت ،مؤكدا انه لن يسمح لاحد ان يمنعه من عزف الموسيقي ،وبرغم هذا الحصار ،إلا ان فريق المدرسة أقام حفلا موسيقيا بدعوة من مدينة ميلانو الإيطالية عام٢٠١٧ ،وهو ما رفع كثيرا معنويات الفريق برغم كل المعاناة لانها -اي الموسيقي- كما يري مدير المعهد والفرقة (هي من أدوات المعرفة والدفاع عن الحياة ،فالموسيقي لا تموت أبدا )،وهكذا وجد محبي الموسيقي ودارسيها فرصا اخري لعزفها خارج بلدهم،بعيدا عن طالبان ولتبدأ رحلة الشتات كما نري في الفيلم من عام ٢٠٢١، في الدوحة حيث ذهب ٣٠٠عضوا وعضوة من المدرسة في نوفمبر الي الدوحة بعد أسابيع من خروج الدفعة الاولي من طلاب وطالبات المدرسة الي البرتغال حيث ستقام مدرسة هناك لكل من يريد تعلم الموسيقي ،وبعدها،في ديسمبر من نفس العام ،وصل ٣٠٠ من طلاب وطالبات المدرسة الي لشبونة عاصمة البرتغال في الإخلاء الاكبر للموسيقيين الأفغان من بلدهم ومن اجل (حماية الحياة والفن والمستقبل )كما يقول احمد ساراماس مؤكدا ان تغيير حياة الشباب والمجتمعات من خلال الموسيقي هي رسالة سلام وأخوة للعالم كله ،بينما تواجهنا الفتاة( شوجوفا)،وعمرها ١٨عاما بثقة في نهاية الفيلم بكلمات حاسمة (شكرا لأصدقائنا من المدرسة،وللأصدقاء البرتغاليين ،لقد أنقذتم حياتنا وما زلتم تساندوننا ) وهكذا تخلو بلد من فنها وتراثها الثقافي لان هناك من يراه عيبا وحرام فيمنعه ،ويحرمه ،ويفرض ارادته علي الجميع ،،وهو ما يصل الينا في نهاية الفيلم .