#jubna
السبت 6 ديسمبر 2025 07:55 صـ 15 جمادى آخر 1447 هـ
أنا حوا - الرئيسية
رئيس التحرير محمد الغيطي المدير العام منى باروما
×

فاطمة عمر تكتب.. يا خسارة تعبك يا روز

الخميس 10 أكتوبر 2024 09:30 مـ 6 ربيع آخر 1446 هـ
فاطمة عمر
فاطمة عمر

في ظهيرة أحد الأيام كانت جالسة مع اثنين من أصدقائها الصحفيين في محل حلواني كسّاب وسط القاهرة يناقشون ما آل إليه حال الصحافة الفنية ومشهدها العبثي، ولمعت في ذهن تلك السيدة القوية العصية على الفشل فكرة إنشاء مجلة فنيه تحمل اسمها الذي أحبه الناس وارتبطوا به إنها روز اليوسف السيدة والمجلة.

غادرت روز المكان عائدة الى بيتها ولم تنم ليلتها ومع أول شعاع شمس كانت في طريقها الى وزارة الداخلية لاستصدار تصريح مجلة روز اليوسف الفنيه الذي حصلت عليه بعد أسبوع.

لم تجد روز أقرب من صديقها الكاتب الصحفي محمد التابعي كي يبدأ معها خطواتها الأولى في بلاط صاحبة الجلاله وجاءها التابعي من الإسكندريه في الحال.

وقتها كانت روز تسكن شقة في بيت يملكه أمير الشعراء أحمد شوقي، فجعلت منها مقرًا لإدارة المجلة وكان على مجلس التحرير صعود 95 سلمه للوصول الى مقر روز اليوسف المجلة.

كثيرًا ما حكت روز عن تلك الليالي التي باتتها والتابعي أمام المطبعة كي يصدر العدد الأول وهما يأكلان سندوتشات الفول والطعمية وعندما صدر حملته روز كما تحمل الأم وليدها ورائحة حبر الطباعة كانت أزكى عندها من أغلى عطور العالم، وسارت المجلة متعسرة مالية في البداية حتى تغلبت روز علي التعسر بفكرة الإشتراكات التي ساعدتها في توزيع دفاترها الآنسة أم كلثوم.

نجحت روز مجلة فنية وبدأت الأفكار والأسئلة تتزاحم في هذا الرأس العنيد وقررت روز إضافة سياسي الى ترخيص المجلة وهنا بدأ الصدام مع مسؤولي وزارة الداخلية في ذلك الوقت الذين رفضوا طلبها ظناً منهم أنها محسوبة على الوفد، لم تيأس فهي التي لم تَعْتَد التخلي عن أحلامها بسهولة، وذهبت الى مكتب زيور باشا رئيس الوزراء الذي طلب وزارة الداخلية وأمرهم بإعطائها الترخيص وقال سبوها تآكل عيش لتعود روز الى الوزارة ولم تخرج منها إلا والترخيص في جيبها.

لتبدأ مشوار جديدًا في عالم الصحافة الساحر سارت فيه بكل قوتها وعزيمتها وعنادها في مواجهة الحياة لتجعل من روز اليوسف تاريخًا وفلسفة وسبقًا ومفرخة لأقلام موهوبة حملت على أكتافها بعد ذلك مؤسسات صحفية أصبحت علامات في تاريخ الصحافة المصرية بل والعربية أيضًا.

والسؤال، ماذا لو كانت روز اليوسف بيننا الأن ووجدت المقر الإداري لمجلتها شقى العمر وهو مطروح للإيجار للمرة الثانية فلقد كانت الأولى منذ بضع سنوات، هل ستبكي، ستصرخ في وجه كل من تسبب في ما آل اليها حلمها الذي حولته الى حقيقة مضيئة.

في اعتقادي ومن خلال جلساتي الطولية مع روز اليوسف على شاطئ مذكراتها وذكرياتها والتي أعتقد أن من خلالها قد عرفتها جيدًا فسأقول لا، إن النحيب والعويل والبكاء ليسوا من طبيعة صديقتي ذات الرأس العنيد الذي لم ينحني لإنسان ولا أزمة ولا ريح قط مهما كانت عتيّه ..بل كانت ستحاول مرات ومرات حتى تنجح وتُخْرِج مجلتها واسمها العريق من أزمتها ولن تستسلم أبدا للحلول المعلبة النمطية بل إن لزم الأمر ستخترع حلولاً لاستعادة شقى العمر.